العدد ١٢ - ما قبل الرحيل

يرحل حسين فؤاد إلى أوزباكستان، في معسكر يمتد إلى أسبوعين، للبحث عن إمكانية الموازنة بين العمل، العبادة والصحة؛ أهي خيال؟ أم واقع نستطيع السعي إليه؟

يأتيكم هذا العدد في سنين نامان من أحد المشتركين معنا في معسكر نامان «حسين فؤاد»، الذي قضى هذا المعسكر في أرياف سمرقند خلال العشر الأواخر من رمضان ١٤٤٥.

بقلم حسين فؤاد

مع بداية الطريق، يتبادر إلى الذهن سؤال أساسي: لماذا اخترت هذا الطريق؟ لماذا توجهت إلى هذا المعسكر بالتحديد؟

[سمرقند، أوزباكستان ٢٠٢٤]
[سمرقند، أوزباكستان ٢٠٢٤]

صوت الرحيل

--:--

من أين بدأ التساؤل؟

قبل ثلاث سنوات، بدأت رحلتي العملية في مجال السياحة والمغامرة كمدير تشغيلي وميداني، وهو مجال مليء بالإثارة للابتعاد عن روتين الحياة اليومية المملة. خلال هذه السنوات كانت الحركة والمرونة تمثل جزءًا أساسيًا من حياتي العملية، فتجدني أحيانًا في صحراء نيوم أو بين جبال العلا أتابع سير العمل لضمان سير الأمور بشكل مثالي. هذا النوع من العمل يتطلب مني مهارات اجتماعية عالية للتواصل الفعّال، وتجارب عملية للتعامل مع المخاطر واختيار أفضل المسارات. خلال كل مشروع عملت عليه، كنت أضطر لإرتداء «قبعات» متعددة، مما يجعلني أشعر بالإمتنان لتفادي الرتابة التي قد يعاني منها الكثير في بيئات العمل التقليدية.

لقد كانت هذه التجربة مليئة بالتحديات الممتعة، فقد وجدت نفسي أمارس ما أحب، كانت هذه نعمة كبير، إلا أن النعم أحيانًا تأتي مع ثمن..

ثمن النجاح

مع مرور الوقت، لاحظت تغيرات كثيرة في حياتي. علاقاتي الاجتماعية قد تراجعت، والوقت الذي كنت أخصص لعائلتي وأصدقائي أصبح يتقلص شيئًا فشيئًا. حتى الرياضة، التي كانت جزءاً مهمًا من حياتي، أصبحت لا أستطيع ممارستها بانتظام! كل هذا دفعني لإعادة التساؤل في معنى النجاح.

على الرغم من متعة العمل والاستمتاع به، بدأت أشعر أني أبتعد عن أهم الأمور في حياتي: عائلتي، أصدقائي، وصحتي، والجزء الأكبر هو شعوري بالابتعاد عن الجانب الديني، ما تركني ضائعًا للبحث عن المعنى.

أزمة التوازن

«هل يمكننا الموازنة بين العمل، العبادة، والعناية بالصحة؟»

حاولت البحث عن إجابة لهذا التساؤل حتى يحل معضلتي، فقد نرى أناسًا ناجحين في عملهم، مخلصين في صلاتهم، وقريبين من أسرهم. ولكن في الغالب، هناك جزء ناقص في هذه المعادلة، هذا النقص قد يظهر في إهمال للصحة، أو العلاقات الاجتماعية خارج دائرة العائلة، مما يجعل الميزان في اختلال وتذبذب لا نهاية له. وخلال بحثي وجدت أن المحيط الذي كنت أعيش فيه لا يشجع من الأصل على إيجاد الحل لهذه المعضلة. فعند نهاية المطاف، نجد أنفسنا محاصرين بين متطلبات الحياة المهنية وضغوطاتها وبين الحاجات الروحية والجسدية.

التيه الإفتراضي

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورًا مهمًا في حياتنا بشكل يستحيل تجنبه، فدورها أصبح متداخلًا في العديد من الجوانب الحياتية؛ منها الشخصي ومنها العملي. 

وجدت في كثير من الأحيان أنه يصعب علي الموازنة بين التركيز على ما هو مهم في مسار حياتي خلال هذه اللحظة، وبين ما هو مثير ومنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي. فقد أصبحت هذه المنصات تستنزف الكثير من وقتي وتتحكم في ما أراه وأطمح إليه. فبدلًا من أن أتبنى مسارًا بطيئًا ومدروسًا نحو أهدافي، أشعر أحيانًا بالضغط لتحقيق النتائج بشكل سريع وبتوجيه غير واعٍ لما هو مفيد ومناسب لي. أدركت فالأخير أن هذا التأثير قد يعميني عن رؤية الطريق الصحيح.


طريق الرحيل

بالنسبة لي هو ليس مجرد قرار بالابتعاد عن المشتتات فحسب، ولكن خطوة أولى للعودة إلى الأساسيات. خلال الطريق سيكون التركيز على إعادة التساؤل في إمكانية التوازن بين العمل، العبادة، والصحة؟ وفي ما إذا كانت هي حقيقة يمكن العمل بها؟ أم خيال يستحيل الوصول إليه؟

بدأت حينها في التواصل مع استوديو نامان للبحث عن آليات وممارسات لتصميم معسكر خاص يمهد الطريق نحو الإجابة لهذه التساؤلات.

فائدة نامان

«الحاجة هي جذر القيمة المضافة»

تعتمد معرفة القيمة المضافة على حسب حاجة المستفيد منها، فـ ليس بالضرورة أن يكون ما نتوقعه كخدمة أو تجربة جيدة أن تكون قيمة مضافة بالنسبة للمستفيد. ومثال ذلك: عند الدخول إلى مكان يقدم الأطعمة، فحاجتك ورغبتك الأولى هي تناول الطعام، لكن النادل يسهب بالشرح والوصف ظنًا منه أن هذا من الإحسان والإتقان، فينقلب هذا الإحسان والإتقان إلى حالة إزعاج وتضييع للوقت لدى الزبون. وهذا مانعرفه بـ «الحاجة هي جذر القيمة المضافة»، وليست ما نؤمن أنه قيمة مضافة.

[نوزومو تاجيري] - بناء القيمة المضافة

حسين فؤاد مستعد للإقلاع لسمرقند لبدأ المعسكر
حسين فؤاد مستعد للإقلاع لسمرقند لبدأ المعسكر

السفرمعسكرالترحالسمرقند
نشرة سنين نامان
نشرة سنين نامان

نروي عبرها القصص التي تُحيط بكل مشروع في استوديو نامان، نشارك اللحظات التي ألهمتنا، والدروس التي تعلمناها. كل مشروع يحمل تجربة فريدة، نتعلم منها وننقلها عبر هذه النشرة لتكون مصدراً للإلهام والتفكر.