العدد ٨ - فن تقديم الماتشا

عُرف في عمق الثقافة اليابانية، أنه لا يهم ما هو نوع الشاي وما هي المزرعة، لكن ما يهم هو كيف يقدم هذا الشاي؟

[ناجويا، اليابان]
[ناجويا، اليابان]

تستمر عجلة التجارِب وها نحن ذا في مدينة ناجويا لخوض تجرِبة طقوس السادو في تقديم الشاي الياباني «الماتشا». طقس تقديم الشاي «السادو» يقدمه أشخاص معينين ذو حرفة عالية، فهو فن كأي فن آخر تحتاج أن تمارسه وتتمرن عليه كثيرًا في أدق التفاصيل حتى تتقنه. سابقًا كان معروفًا أن من لديه غرفة السادو «المجلس» عدّ من أثرياء المنطقة، وتجد الكثير من هم مهتمين بالثقافة اليابانية القديمة يحاولون إتقانها وتعلمها لما تحمله من معاني كثيرة في فنون الضيافة.

التجربة الرابعة

عندما بدأنا التفكير بتجربة تقديم الماتشا كان العامل الأكبر لجعل هذه الحلقة مثرية ومثيرة للمشاهد، هي إيجاد الشخص المناسب الذي يستطيع جعل المحتوى أكثر إثارة، فالسادو بطبعها هادئة وتطلّب الكثير من الصبر والمحاولة لتشاهد التقدم. تواصلنا مع العديد من الأصدقاء هناك حتى وجدنا الطالبة «تايكو» التي تعلمت منذ الصغر في هذا الفن، كون عائلتها من العوائل التي كانت تمارس «السادو» منذ القدم. أوصلتنا «تايكو» إلى المعلمة التي دربت عائلتها، التي لا تزل تتعلم هذا الفن في منزلها الخاص حتى هذا اليوم.

الفكرة كانت أن يتبع عمر رحلة السادو بدءًا من اختيار الملابس حتى تقديم كوب الماتشا للضيف. اكتشفنا أسواق المدينة مع تايكو للبحث عن دكان الملابس المناسبة التي تسمى بـ «الكيمونو». حرصنا بعد ذلك على معرفة السياق الداخلي في ماذا نحتاج لنقدم للمعلمة «الهدية»؟ وكانت مبلغ رمزي تقديرًا لما ستقدمه لنا، وإحضار الماتشا «الباودر» الذي نريد منها تقديمه. ودعنا «تايكو» على أن نلقاها في صباح الغد الباكر، وقت التجربة الفعلي.

صباح ماطر

نهضنا مبكرًا للحاق بالقطار للقاء «تايكو» لنذهب لمنزل المعلمة، كان فيها الجو ماطرًا جدًا. قهوة وفطور بسيط للمساعدة في النشاط، وترتيب الهدايا كوضع المبلغ في ظرف خاص، أو الماتشا في حقيبة معينة، حتى نظهر بشكل لائق أمام المعلمة، كلها من تعاليم الطالبة تايكو.

بيت المعلمة

من الوهلة الأولى ترى التفاصيل الدقيقة التي توحي لك بمكانة منزل السادو، في صنبور الماء العريق أمام المنزل والتصميم الملفت الذي يدل على مستوى معيشة من يقطنه. عند فتح الباب ترى تلك التفاصيل الدقيقة جداً مثل ترتيب الأحذية ونظافة المنزل اللامتناهية. استقبلتنا المعلمة وقدمنا لها الهدايا التي كانت متفاجأه من فهمنا لهذه السياقات. أعطى ذلك روح طيبة وكُسرت الكثير من الحواجز لبدء هذه التجربة.

السادو

عند دخول المجلس تشاهد لوحة في وسط واجهته مكتوب بها شعر «الهايكو»، وعرفنا سابقًا أن مجالس السادو في القديم كانت تضم لقاءات للقادة ومسؤلي الدولة، حيث يجتمعون فيه للحديث عن أحاول الوطن والحروب. فتجد الشعر المعلق على واجهة المنزل يعبر عن السلام وتأملات الطبيعة والروحانية.

أعطتنا بعدها المعلمة بنفسها رحلة تجريبية كاملة لنشاهد كيف تتم العملية من البداية وحتى النهاية، حركة الأرجل دون رفعها، الجلوس الصحيح على الفخذ، صناعة الماتشا، تقديم الحلوى وطريقة شرب الماتشا والكثير من التفاصيل الأخرى التي جعلتنا في انبهار لهذا الكم من التفاصيل في تقديم كوب شاي!

عمر يقدم الماتشا

بعد أن شاهدنا التجربة بالكامل، بدأ عمر في التدريب قاصدًا. حركة الفريق كانت محدودة داخل المجلس لصغر المكان حتى لا يظهر الشخص الأخر في مشاهد المصور؛ قررنا أن يكون هناك مصور واحد داخل المجلس يوثق جميع الأحداث بحرية. أيضًا كان يجب أن تكون الحركة للفريق بأكملة خفيفة وغير مسموعة حتى لا نفسد جو المجلس أو شعور التجربة وإندماج المتعلمين فيها.

في هذه التجربة ظهرت شخصية جديدة لم نعهدها قبل من عمر، وهي شخصية الكوميدي؛ فكان عمر يحاول أن يكسر حواجز الهدوء بإضافة التعليقات ومحاولة إخراج المعلمة من جو التعليم. استمتعنا وضحكنا كثيرًا، وكان واضحًا مدى الانسيابية التي كان بها الفريق خلال هذه التجربة، ربما يرجع ذلك لكونها التجربة الرابعة الآن من السلسلة، وقد اعتاد الفريق على العمل معًا في انسجام دون الحاجة للكلام.

فائدة نامان

«الجانب الإبداعي في العلامة التجارية»

من المؤكد أن الصورة الذهنية المصنوعة للعلامة التجارية هدفها هي التحكم بنظرة العميل إلى العلامة التجارية، لكن ليس المقصود هنا أن يكون فن جمالي مجرّد وحسب، ولكن يجب أن يكون هذا الفن أو الإبداع يتسق وينسجم مع هدف العمل التجاري، ولتحقيق الإنسجام بين عالم إدارة العمل التجاري والجانب الإبداعي، يجب أن يكون التفاهم بينهم عالٍ جداً، حتى يتحقق الهدفين.

ميزونو قاكو - التنسيق والترتيب المهم، الذي لايعلمونا إياه

السفرمعسكرالترحالالسودةنيومالرياض
نشرة سنين نامان
نشرة سنين نامان

نروي عبرها القصص التي تُحيط بكل مشروع في استوديو نامان، نشارك اللحظات التي ألهمتنا، والدروس التي تعلمناها. كل مشروع يحمل تجربة فريدة، نتعلم منها وننقلها عبر هذه النشرة لتكون مصدراً للإلهام والتفكر.